مو هاي المشكلة

مو هاي المشكلة
5.11.2006

السلام عليكم ، قررت المحكمة اعدام صدام ، واعتقد انتو اعزائي القراء تملكون مشاعر متناقضة تجاه الحدث، وانا مثلكم ، تنتابني مشاعر في غاية التناقض.

كأنني أقف في مزبلة كبيرة ويريدون مني أن اشتم رائحة مزبلة قديمة. لقد نسيت جرائم صدام أمام بشاعات الجرائم الحيوانية التي نعيشها اليوم. أنا مختنق بالموت ويريدونني أن أتذكر موت أجدادي.

بصراحة اني خايف، خايف من مستثمري الفرص وصانعي البطولات الوهمية، فصدام اسقط بفعل امريكا، والقي عليه القبض من قبل امريكا وحوكم تحت رعاية وحراسة ورغبة وتوقيت امريكا.

فلا المالكي هو بطل تحريرنا منه، ولا الحكيم هو حامل لواء جيوش إسقاط نظام حكمه. و إذا أراد المالكي أن يصبح بطلا حقيقا فأمامه مجرمين آخرين يمكنه محاكمتهم و إرسالهم إلى العدالة وهم اقرب إليه من حبل الوريد.

لا نريد أن يستغل أعداء الوحدة الوطنية هذه المناسبة فيقتلو أهلنا باسم الانتقام لصدام حسين وهم لا يحبونه وغير آسفين عليه، أو يرقص غيرهم فرحا بالحكم عليه وهم كذابون، لان ليس هناك شيئ حصلنا عليه منذ سقوطه سوى الموت والموت و الموت، والخوف و الخوف و الخوف.
لا أنكر أن صدام كان دكتاتورا. دلوني على واحد في المنطقة الخضراء ديمقراطي حتى عندما يظهر في التلفزيون. لا أنكر أن صدام كان قاسيا ومخيفا وغامضا.
هل الإخوة في المنطقة الخضراء ملائكة رحمة وطيبتهم تفيض علينا رحمة وحنانا ومودة وشفقة ؟

كان صدام يعين أقاربه وأعضاء حزبه
الطم على راسي
كان صدام يسرق أموال الشعب
اشك اهدومي
كان صدام عميلا
أشيل روحي وأركعها بالكاع
كان صدام طائفيا
لا.. هاي لازم اضحك عليها ... ـ

إخوان والله آني جنت أتمنى أشوف صدام يحاكم أمام الشعب.

بس جنت أتمنى أن أشوفه يتحاكم فيما البناء يتصاعد والحرية تنتشر والفرح يعم الشوارع والعراقي يسهر حتى الصبح على ضفاف دجلة و مدارسنا تنافس مدارس اليابان، وشوارعنا أنظف من ماعون القيمر، وثروتنا مبينة بوجوهنا، و إخوانا المشردين تحت نجوم الله راجعين عد أهلهم و أحبابهم، والدنيا فرح بفرح بفرح.

مدارسنا تعالوا شوفوها خرائب وحظائر حيوانات، وشوارعنا رغم ان التجول فيها ممنوع بس ما اعرف منو باليل كاعد يبول بيها، واهلنا متهجولين قسم بالدول الفقيرة وقسم بالخيم المهترئة يكسرون الخاطر. المجادي زادوا بالشوارع والفقر عشعش بالبيوت المخربة، والكآبة والمرض والجفاف والرعب. واني بهاي الوحشة حيث سافر الأصدقاء و الأقرباء وبقيت وحيدا فريدا، يجيني زعطوط ميعرف كتابة اسمه ويصرخ بي: ولك شلش اشو انت مو فرحان يالله كوم اطلع بالمظاهرة.
يابه والله فرحان وسعيد بس اخاف اطلع ويحسدوني على حالي.
لقد خرجنا من ليل صدام بس وكعنا بالبير ... شوكت راح نطلع.
.
مشكلتنا ليست صدام ولا برزان ولا طه ياسين رمضان، مشكلتنا منو اليوم راح يجرجروه بالليل من بين اطفاله واهله ونلكاه باجر الصبح جثة بلا رأس ... ان شاء الله مو اني ولا انت عزيزي القاريء ...

ان شا لله الطائفيين نارهم تاكل حطبهم



اصحاب الفيل
1.11.06

عندما خرج فيل نعيمة لأول مرة في الشارع، صدق الناس ما كانت تقوله نويرة مرة غراب من ان سبب الطبطبة المزعجة فوق سطوح بيوتهم هو فيل صغير الحجم اقتنته نعيمة مؤخرا.

لكن نويرة على دقة تقاريرها الاستخبارية، لم تقدم تفسيرا مقنعا لسبب اقتناء نعيمة لهذا الفيل، كما انها كانت تصاب بالحيرة عندما يستفهم منها عن المكان الذي جاء منه هذا الفيل، ولاننا مدينة ليست بعيدة عن ربط الوقائع بالتخيلات فقد صدق بعضهم ما ذكره راهي ابن حنون من انه رأى فيلا صغيرا بجناحين خشبيين نزل قبل سنة ونصف على سطح بيت نعيمة . كما صدق اخرون رواية برغوث الفهد التي يقول فيها ان بجاي رجل نعيمة من كثرة حلفه بالانبياء والائمة كذب قد مسخه الله فيلا، وانه لم يسافر الى سوريا كما تدعي نعيمة ..

المهم قصص كثيرة عن فيل نعيمة، انا شخصيا لاتعنيني كل هذه التقولات. ما يعنيني في الواقع هو المتعة التي يوفرها وجود فيل في الثورة، يستطيع الاطفال المحرومون من التجمهر حوله واطلاق الاغاني والتصفيق والمرح والنكات. انه حديقة حيواناتهم المتجولة.

بالنسبة لنعيمة فعلى الرغم من ان تكلفة معيشة الفيل كبيرة نسبيا، لكنها تصر على رعايته والاهتمام به رغم ظروفها الصعبة.

واذا عرفنا ان فيل نعيمة مصفح ولاتؤثر فيه اكبر مفخخة في العالم سوف نعذر نعيمة على تربيتها لهذا الحيوان العملاق. الفيل يتجول في الثورة من العاشرة صباحا حتى الرابعة عصرا، ومن ثم يخرج في السادسة مساء حتى ساعة منع التجول او احيانا بعد ذلك بساعة او اقل لان الشرطة تخاف منه ولا احد قادر على منعه.

شوهدت نعيمة في هودجها على ظهر فيلها في الزيارة الشعبانية الماضية وسط الحشود التي تمارس طقوس المشي الجماعي. الفيل يمد خرطومه ويندفع الى امام فيما نعيمة تغط باغفاءة على ظهره المريح كسرير. لذلك سميت حادثة الاشتباك بين الارهابيين والزوار بمعركة الفيل، لان الناس كانت تحتمي من شدة الرصاص خلف فيل نعيمة. كما شوهدت نعيمة مرات قليلة، وهي تستقل فيلها في جولات التسوق وزيارة الاقارب والاصدقاء وكذلك اثناء ترددها على العيادة الشعبية.

هناك شهود عيان على انفجار اكثر من عبوة تحت اقدام الفيل العملاقة، الا ان نعيمة لم تصب باذى، كما ان فيلها لايدري حتى هذه الساعة بانه داس على عبوات تستطيع ان تدمر همرات امريكية.

سمعت الحكومة بخبر الفيل و ارسلت وفدا للتفاوض مع نعيمة للاستفادة من خدمات الفيل في تنقل بعض المسئولين المحرومين من لقاء ابناء شعبهم. نعيمة تكرر جملتها بوجه كل من يفتح الموضوع معها، ان هذا الفيل هو نوع من العناية الالهية لحمايتها من خطر الارهاب الذي يحصد ارواح الجميع.

الطلباني الماكر عرض على نعيمة الاقامة هي وعائلتها وحيواناتها في منتجعه الفخم في سد دوكان، مقابل ان تمنحه الفيل لمدة شهر، لانه يريد ان يتمشى بين ابناء شعبه كرئيس منتخب. وافقت نعيمة وانتقلت للعيش المؤقت في المنتجع ودخل الفيل الى المنطقة الخضراء وسط غيرة وحسد رئيس مجلس النواب، ورئيس الوزراء وباقي المسئولين للثعلب الطلباني الذي استطاع الحصول على هذا الفيل المدرع.

ذهب رئيس الوزراء الى بيت الطلباني القريب من بيته وترجاه ان يصطحبه في جولة مشتركة على ظهر الفيل في شوارع بغداد. سمع المشهداني بالامر و ذهب وطلب من مام جلال نفس الطلب، ولان الطلباني كريم بطبعه وافق وصعد الثلاثة على ظهر الفيل.

وعندما عبر بهم الفيل جسر الجادرية شاهده السيد عبد العزيز الحكيم وامتلأ قلبه حسدا لهم على هذه النعمة، ووسوس له قلبه على ان يتنازل لهم عن فكرة فيدرالية اقليم الوسط والجنوب مقابل ان يصعد خلفهم. وافق الثلاثة وصعد الحكيم معهم محاطا بقفص زجاجي ضد الرصاص لينطلق بهم الفيل مهرولا ...

تجول الاربعة في جانب الرصافة وسط دهشة الناس وحيرتهم من الشيء الغريب الذي يشاهدون، واغلب دهشتهم ليست بسبب وجود الفيل في شوارع بغداد، بل بخروج الاربعة المبشرين بالمنطقة الخضراء الى الناس دون حماية.

وفي اثناء هذه الجولة المباركة، سال المشهداني اخيه الطلباني عن الجهة التي اهدت الاخير هذا الفيل، فضحك الطلباني وقال: هذا فيل كردي كان يطير فوق جبال كردستان، اصطاده افراد البيشمركة.

ضحك المشهداني كما ضحك المالكي و سمع الحكيم ذلك ايضا وضحك ضحكة ازعجت الفيل الذي اشمئز في الحال ورفع خرطومه الى الاعلى وفرش جناحيه الخشبيين وطار في السماء وسط أنظار الجماهير التي تعلقت عيونها خلفه تراقب هذا المشهد العجيب حتى اختفى بين الغيوم الكثيفة التي تجمعت بسرعة فوق سماء المدينة.

لم يتفرق الناس الا بعد هبوب عاصفة رعدية شديدة لم تشهد بغداد من مثلها سابقا على الاطلاق.

في صباح اليوم التالي وبعد توقف الامطار وشروق الشمس من جديد، خرج الدكتور علي الدباغ الناطق باسم الحكومة في محطة تلفزيون العراقية ليعلن طيران الفيل و اختفاء اربعة من رموز الامة وقد افتتح بيانه بالاية الكريمة "الم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل، واختتم بيانه بالقول بان القوات المشتركة تحقق مع المتهمة نعيمة ام الفيالة بتهمة التخطيط لانقلاب عسكري على الحكومة المنتخبة ديمقراطيا.